كنيسة كندية تدعو لمصالحة المسلمين

مصطفى عبد الحليم - إسلام أون لاين.نت/ 8-2-2004

http://www.islamonline.net/Arabic/news/2004-02/09/article03.shtml

شعار الكنيسة المتحدة في كندا

دعت الكنيسة المتحدة لكندا المسيحيين إلى مصالحة مع المسلمين، وتغيير الصور الذهنية السائدة عن الإسلام التي تصوره على أنه "دين يحض على العنف"، معترفة بأن للمسيحية تاريخا طويلا من معاداة المسلمين.

وقالت مارجريت سومدا -العضوة في "لجنة الحوار بين الأديان" التابعة للكنيسة- لشبكة "إسلام أون لاين.نت": "إن الكنيسة المتحدة -التي تعد الممثل الرئيسي للمسيحيين البروتستانت- ستقوم في منتصف شهر فبراير 2004 بنشر وثيقة تسعى للمصالحة مع المسلمين، مبنية على النقاط المشتركة بين أتباع الديانتين".

وتعترف الوثيقة التي وصل شبكة "إسلام أون لاين.نت" نسخة منها بـ"تاريخ مسيحي طويل من العداء للمسلمين والإسلام"، وتشير الوثيقة إلى أنها تسعى لإلزام نفسها "ببدء رحلة المصالحة مع الجيران المسلمين".

وتتطرق الوثيقة -التي تحمل عنوان "ربما يعرف بعضنا الآخر"، وتتكون من 80 صفحة- إلى أعماق العلاقة بين الإسلام والمسيحية في كندا.

وتظهر الوثيقة -التي أعدتها الكنيسة المتحدة لكندا بالتشاور مع منظمة مسلمي كندا- مدى تلهف أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية للمصالحة.

وقالت مارجريت: إن الوثيقة -التي استغرق إعدادها عامين- سوف توزع على نطاق واسع وتوضع في دليل للدراسات بالكنائس، مضيفة: "سنحاول أن نصل إلى كل أقسام المجتمع، ومن ضمنهم الأشخاص الذين ليس لديهم خلفية" من المعلومات حول الأديان المختلفة.

وأبرزت سومدا أنه بالرغم من أن الوثيقة كتبت في سياق الحديث عن كندا فإنها تضم نموذجا لكيفية تعايش أتباع الديانات المختلفة مع بعضهم البعض في تناغم لا سيما في أمريكا الشمالية.

وطبقا لإحصائيات رسمية أجريت عام 2001 فإن عدد المسلمين في كندا يبلغ نحو 580 ألف نسمة، وهو ما يمثل 2% من تعداد السكان.

تضليل..

وجاء في الوثيقة "أملنا هو أن الكنيسة سيتم تغييرها لفهم جيراننا المسلمين"، مؤكدة أنه يتم تصوير الإسلام بشكل خطأ في أغلب الأحيان على أنه "دين عنف".

وترفض الوثيقة أيضا صورا ذهنية سابقة -ثبت أن بعضها راسخ في الفكر الغربي وأجهزة الإعلام الغربية- تعتبر الإسلام ديانة جسدية واستبدادية ووحشية.

وتقول الوثيقة: "القرآن ألغى عادات الأخذ بالثأر الدموية القبلية، وأنشأ بدلا من تلك العادات مؤسسات يمكن من خلالها تحقيق العدالة بدون استخدام العنف. فالإسلام عرض منذ يومه الأول بدائل للعنف الذي أنهك المجتمع العربي".

وأشارت الوثيقة إلى أن الإسلام يؤكد بشكل واضح على "الرحمة والعدالة والمغفرة التي ينبغي أن تسود العلاقات الإنسانية".

وتدعو الوثيقة إلى اعتراف "الحضارات الغربية بفضل العالمين العربي والإسلامي عليها"؛ وهو ما يمثل ردا على مقالات بعض الكتاب الغربيين التي تنكر المساهمات الجليلة للحضارة الإسلامية بالنسبة للإنسانية.

وتقول الوثيقة: إن القرآن اعتبر الزواج مؤسسة خاصة تقوم على حقوق ومسئوليات، وعرفه على أنه عقد "بين طرفين في وجود شهود، وأن هذين الطرفين قبلا الزواج بمحض إرادتهما الحرة".

كما تدحض الوثيقة الادعاءات بأن النساء مضطهدات في الإسلام، موضحة أن الرجال والنساء في الإسلام متساوون أمام الله.

وتتعامل الوثيقة مع فكرة الجهاد في الإسلام السائدة في وسائل الإعلام الغربية على أنها مبرر غير مقبول للمسلمين للتراص من أجل الموت، وتعرف الوثيقة الجهاد بأنه مقسم إلى فئتين: "الأولى: هي كفاح شخص ضد أي شر أو إغراء (جهاد النفس)، والثانية: الدفاع عن الإسلام أو عن قطر إسلامي أو جالية إسلامية تتعرض للعدوان".

وتؤكد الوثيقة أن "الجهاد يمكن أن يكون بالقلم أو اللسان، وإذا شمل صراعا (عسكريا)، فإنه يتم تنظيمه بحسم، ويكون فقط في حالة الدفاع عن النفس".

الإله الواحد

وحثت الوثيقة المسيحيين على التحدث بصدق واحترام عن سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، معترفة بأن "التاريخ المسيحي مليء بأمثلة على التضليل وسوء العرض لسيرة محمد".

وأضافت "نعتقد أنه من الممكن للمسيحيين أن يعترفوا بمحمد كنبي لله.. وهي خطوة كبيرة للأمام في العلاقات الإسلامية المسيحية".

وتكرر الوثيقة اعتراف الكنيسة "بالشهادة النبوية" للنبي محمد، لكنها تؤكد أن "المسيحيين لا يستطيعون بالطبع أن يؤكدوا أن محمدا هو خاتم النبيين"؛ لأن هذا يعني تأكيد أسبقية القرآن في الأهمية على إنجيل المسيح. وقالت الوثيقة: "نشترك مع المسلمين في الاعتقاد بالإله الواحد والإيمان بإبراهيم".

رسالة واضحة

ورحب مسلمو كندا مبدئيا بالوثيقة، وقال إبراهيم حياتي أستاذ العلوم السياسية المقيم في تورنتو: "وجهات النظر بالوثيقة إيجابية جدًّا، وستؤدي إلى ردود فعل كبيرة بين المسلمين".

وأضاف أن الكنسية غيرت أسلوبها للتواصل مع المسلمين، وإظهار أن الإسلام صالح في هذا البلد، معتبرا أن تلك الوثيقة تمثل اعتذارا للعداء الموجه ضد الإسلام.

وأشار إلى أن الجهود ما زالت جارية حتى تسير الكنيسة الكاثوليكية على خُطا الكنيسة المتحدة البروتستانتية في كندا.