المؤرخ ''جيفري كونر'' في صحيفة ''واشنطن تايمز'':إبادة بطيئة ومجازر يتجاهلها الغرب في الشيشان

التاريخ : 27/12/1424 الموافق 01/01/1970

المصدر

عكاظ / في الوقت الذي تتركز فيه اهتمامات وسائل الاعلام على الوضع في العراق, هناك أزمة مهمة وخطيرة فقدت أي اهتمام بها هي (الابادة البطيئة في الشيشان).
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصر على القول ان قواته العسكرية تخوض حملة ترمي الى اقتلاع جذور (الارهاب الاسلامي الدولي) من هذه الجمهورية المتمردة, وهو يستغل الحرب الكونية على الارهاب ويستخدمها كذريعة لتشديد قبضة موسكو الفولاذية عليها لكن الجيش الروسي يقوم بالفعل بحرب ابادة ضد الشعب الشيشاني.
وبالرغم من كل ذلك, فان الغرب حافظ على صمته ازاء حملة الاباد الروسية, وبدلا من أن تطالب الكرملين بسحب قواته وبالتفاوض من اجل التوصل الى حل سلمي مع القادة الشيشانيين تواصل ادارة الرئيس الأمريكي جورج سياستها الاهمالية المعيبة.
ان الرئيس بوش مقتنع بان الرئيس بوتين هو حليف مهم في الحرب على الارهاب, وقبلت واشنطن مزاعم موسكو بان القضية الشيشانية هي قضية روسية داخلية, وانه من الافضل الا يتدخل بوش بما يقوم به بوتين من عمليات.
وقبل بداية الأزمة منذ حوالى عقد من الزمن كان هناك حوالى مليون شيشاني يعيشون في الجمهورية القوقازية الجبلية.
غير ان الناشطين الدوليين في مجال الدفاع عن حقوق الانسان يقدرون ان مئات الآلاف منهم قد نزحوا عن ديارهم كما ان آلافا آخرين قد اختفوا هكذا ببساطة وأن أكثر من ربع السكان قد ماتوا وقد اشار تقرير اصدره (مجلس اوروبا) العام الماضي الى فروقات عديدة لحقوق الانسان تقدم بها القوات الروسية بما في ذلك أعمال التعذيب الواسعة الانتشار بحق الشيشانيين.
كذلك قام الجيش الروسي بحملة ارض محروقة لا ترمي الى تقويض أسس الأمة الشيشانية فحسب بل الى تدمير اقتصادها وبيئتها الخارجية أيضا وها هي عاصمتها (غروزني) تحولت الى اكوام من الدمار والاطلال كما ان معظم مساحات الاراضي الزراعية قد دمرتها الآليات العسكرية الأمر الذي يؤدي الى الموت البطئ لمن تبقى من السكان عبر مزيج من الحرب والمرض وعمليات الاغتيال.
ومن المؤسف ان الكارثة الشيشانية ليست جديدة ففي عام 1944 قام الرئيس السوفيتي (جوزيف ستالين) بترحيل معظم السكان الشيشانيين الى مناطق الشرق الباردة لمعاقبتهم بسبب معارضتهم الشديدة للشيوعية وقد قضى أكثر من نصفهم خلال تلك العملية سواء من البرد الشديد أو برصاص الجيش الأحمر.
ان الاحتلال الروسي للشيشان بعد عام 1999 قد أجبر معظم السكان هناك على الاقتناع بضرورة التخلي عن حلمهم باقامة دولة مستقلة لهم, ولعل الاغلبية اليوم ترحب بنوع من أنواع الحكم الذاتي, لكن الرئيس بوتين يرفض حتى مجرد الحديث عن هذه الفكرة.
ومن الواضح اليوم ان التساهل الغربي مع روسيا قد يشجع الكرملين على مواصلة تنفيذ سياساته التوسعية وغير الديمقراطية كما يعرض الخدمات الغربية الى الصاق تهم (الخبث والكذب) بدولها.