فضيحة سجن أبوغريب هي "علامة الوحش"  
 
   

ليندون لاروش: فضيحة سجن أبوغريب هي "علامة الوحش"(*)
ترجمة حسين العسكري : ( كلنا شركاء ) 14/5//2004
أصدرت حملة المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية وعالم الاقتصاد الأمريكي ليندون لاروش المقال التالي في 11 مايو/أيار 2004.
أخبروا أولئك الذين يصلون من أجل وقوع معركة الهرماجدون (على أمل الحصول على ثواب رباني متمثل بإعفائهم من دفع أجار منازلهم الشهر المقبل) أن سلوك إدارة بوش في فضيحة السجون العراقية يقدم لأي ضابط استخبارات كفء دليلا ماديا قاطعا أن هذه الصور هي مفاتيح وخيوط تدل إلى جريمة تم ارتكابها من قبل أولئك الذين يحملون "علامة الوحش" الذين يشبهون في أفعالهم مثل زعيم محاكم التفتيش الإسبانية القس سيئ الصيت توماس توركومادا. إن مرتكبي تلك الجرائم ضد الأسرى العراقيين هم نفس مجموعة نائب الرئيس دك تشيني وغيره الذين تم كشفهم باعتبارهم "الرجال الوحوش" في التقرير ("أبناء الشيطان") الذي أصدرته حملتي حول الجذور السيناركية التي ينتمي إليها المحافظون الجدد اليوم من أتباع البروفيسور ليو شتراوس، وهي ذات الجذور التي تربطهمبالفاشيين بنيتو موسوليني وأدولف هتلر وفرانسيسكو فرانكو وغيرهم من الفاشيين الذين عاثوا في أوربا فسادا في الأعوام من 1922 إلى 1945. هناك، أي في النوايا المعبر عنها في تلك التقاليد السيناركية، تكمن الإدانة الفعلية والإجرام الفعلي على أعلى المستويات.
معظم الناس اليوم يفكرون وكأنهم يركضون في كل الاتجاهات على طاولة بليارد عملاقة، يرتطم أحدهم بالآخر ويدفعه وفق القوانين الميكانيكية لكون هوبزي (نسبة إلى توماس هوبز) أشبه بالكابوس. لذلك يحاولون تحليل وتوضيح كل تجربة تواجههم في سياق السؤال "من ضرب من". بالنسبة للأشخاص الذين يشاطرون هذه الحالة العقلية المشوشة، تكمن الجريمة بشكل رئيسي في الفعل الإرادي للفرد. لكن أي شخص متعلم وبكامل قواه العقلية يرفض طريقة "من ضرب من". الذهن النامي بشكل عالي الكفاءة يدرك أن الجريمة الفردية مثل الجريمة المنعكسة في الصور الواردة من السجن الأمريكي في العراق، هي ليست بشكل رئيسي نتيجة للإرادة الفردية، بل تأثير النظام على إرادته أو إرادتها. في مثل هذه الحالات، كما هي الحال في الجرائم البغيضة التي ارتكبت من قبل محاكم التفتيش، أو التي تشابهها في نظام السجون الأمريكية في العراق اليوم، تقع المسؤولية الأساسية والعملية الإجرامية الأساسية على أولئك المسؤولين عن تصميم سياسة وزارة الدفاع الأمريكية لشن الحرب على العراق واستمرارها.
تأمل لبعض النقاط ذات العلاقة هنا.
أعلن رئيس الولايات المتحدة الأحمق في يوم من الأيام أن الحرب في العراق انتهت بانتصار الولايات المتحدة. ياله من أحمق وهو يرتدي بزة عسكرية وكأنها ثياب مهرج ويقف على حاملة طائرات ليعلن نفسه عقلا مدبرا في شؤون الحرب! الحرب لم تنتهي لهد اللحظة، فما تخيله الرئيس التعيس والمحدود في قدراته العقلية أنها نهاية الحرب لم تكن سوى بداية المرحلة الجديدة والأكثر دموية من تلك الحرب لكن هذه المرة في صيغة حرب عصابات لامتوازية كلاسيكية على نموذج الحرب الكورية في مرحلة ما بعد انتهاء فترة قيادة الجنرال ماكآرثر وأيضا في فيتنام وغيرها. الرئيس بدأ حربا ثم لم يقدر أن ينهيها بنجاح، ثم عاد ليلوم الأمة التي هاجمها هو (على أساس حجج زائفة اخترعتها زمرة نائبه دك تشيني) بسبب رفض أبناء تلك الأمة السير وفق ما يعتقد الرئيس أنها سلطة إلهية منحت له ليعلن انتهاء الحرب وقت ما شاء.
زاد الرئيس الأحمق حماقته تعقيدا بتعيين بول بريمر مسؤولا على البلد. احتل بريمر مكاتب صدام حسين ومناصبه، وخرق جميع المبادئ التقليدية المتبعة حين تجد القوات الأمريكية نفسها كقوة احتلال، ثم استنسخ كل أنواع الأفعال السيئة التي كان صدام حسين يتهم بها من قبل معارضيه العراقيين.
في ظل نظام بريمر تم تعذيب العراقيين للحصول على معلومات مزعومة متعلقة "بأسلحة الدمار الشامل" التي يمكن القول بكل تأكيد إنها لم تكن موجودة على الإطلاق.
أليست هذه أصداء محاكم التفتيش: "اقتلوهم جميعا، والرب سيتولى فرز من كان منهم بريئا ومن كان مذنبا!"
لكي يحرر الرئيس نفسه من احتمال إدانته في الجريمة المستمرة، فعليه أن يستدعي جميع شركاء تشيني ورمسفيلد في الجريمة إلى المكتب البيضاوي. على الرئيس أن يقول لهم: "لقد وجدت العدو في العراق. هذا العدو هو نحن". يمكن للرئيس أن يضيف وهو يشير إلى نائبه: "دك، أخرج ذلك البساط اللعين من فمك".(*2)
ملاحظات المترجم:
(*1) "علامة الوحش": يشير لاروش هنا إلى المسيحيين المتصهينين المتطرفين. وعبارة "علامة الوحش" ترد في "سفر الرؤيا" الإصحاح الثالث عشر وتشير في الواقع إلى أن من يحملونها هم أتباع الشيطان وليس المسيح. أحد هؤلاء هو الجنرال الأمريكي وليام بويكن المسؤول في قسم الاستخبارات في البنتاجون. بويكن هو من المسيحيين المتصهينين المتطرفين الذي أثار مشاعر المسلمين بقوله علنا في كنائس إنجيلية "أن إله المسلمين وثن" ويتبجح بأن الحرب على الإرهاب هي حرب من أجل المسيحية ويقول "إن المسلمين يكرهون الولايات المتحدة لأنها أمة مسيحية ولن يتم القضاء على عدونا الروحي إلا إذا وحدنا صفوفنا ضده باسم يسوع المسيح".
بويكن ورئيسه ستيفن كامبون وهو من مناصري إسرائيل المتطرفين وواحد من زمرة المحافظين الجدد مسؤولان بشكل مباشر عن التحقيق في السجون في العراق التي طلبت فيها المخابرات العسكرية الأمريكية بتشجيع من بويكن وكامبون باستخدام وسائل التعذيب ضد الأسرى العراقيين لإجبارهم على الإدلاء بالمعلومات.
(*2) "العض على البساط أو السجاد": تعبير إنجليزي يشير إلى الأشخاص الذين لا يستطيعون السيطرة على نوبات غضبهم فيسعون إلى عض قطع الأثاث والقماش.
موقع لاروش باللغة العربية هو: www.nysol.se/arabic