نواكشوط – محمد محمود

 ( العربية نت )

تسببت هجمات الجراد التي اجتاحت موريتانيا في تضاعف أسعار الخضروات والبقول واللحوم ومعظم المواد الغذائية، وخلفت خسائر مادية تقدر بملايين الدولارات، وذلك بعد أن قضت الأسراب التي تحركت في رحلتين من الشمال إلى الجنوب وفي الاتجاه المعاكس على المحصول الزراعي لهذا العام بشكل نهائي.

ودمر الجراد معظم أجزاء الغطاء النباتي الذي يشكل مصدر التنمية الوحيد لثروة حيوانية تقدر بنحو 15 مليون رأس من المواشي، تعتمد عليها أعداد كبيرة من الموريتانيين في حياتهم اليومية.

وقال تجار في السوق إن الحصول على الخضروات بات شبه مستحيل، بعد أن التهم الجراد معظم المزارع، وأغلب ما يوجد من الخضروات في السوق، هو من مزارع قليلة تمكن أصحابها من حمايتها من الجراد بالطرق التقليدية، أومن كميات تم استيرادها من بعض البلدان المجاورة كالسنغال ومالي.

ويتأكد اقتراب شبح المجاعة يوما بعد يوم، مع نزوح آلاف المزارعين إلى المدن الكبرى، بعد أن أسفر غزو الجراد عن انعدام كامل لمردود المحصول الزراعي لموسم هذا العام، الذي يعد حاسما بالنسبة لحالة الأمن الغذائي في موريتانيا.

من جهتها قالت وزارة التنمية الموريتانية إنه على الرغم من الاستجابة الجزئية للمجتمع الدولي لنداءات الاستغاثة المتكررة التي أطلقتها، بغية مساعدتها في مواجهة هذه الآفة، "إلا أن حالة الجراد تبقى خطيرة للغاية، وتتطلب على نحو عاجل مزيداً من الدعم الدولي".

وكانت موريتانيا قد استقبلت العديد من المساعدات، بعضها على شكل مبالغ مالية، والبعض الآخر على شكل معدات لوجستية وبشرية، من بينها ست طائرات للرش والاستطلاع، وسيارات عابرة للصحاري، ومبيدات ومواد سامة، وفرق مكافحة مجهزة، إلا أن خطر كارثة المجاعة لا يزال قائما.

وحذر المركز الموريتاني لمكافحة الجراد، من تفاقم الوضعية بدرجة مخيفة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك جراء تشكل أسراب جديدة ينتظر ظهورها خلال الأسابيع القادمة، وبأعداد هائلة بسبب نمو أجيال جديدة من اليرقات، مؤكدين، أنه خلال فترة لا تزيد على شهرين، ستظهر أسراب أخرى جديدة، في دورة تكاثرية تستمر على مدار السنة.

وحسب دراسات منظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو" فإن معالجة الحالة الراهنة لكارثة الجراد المهاجر في موريتانيا تتطلب رصد حوالي 100 مليون دولار أمريكي، وقدم الاتحاد الأوروبي حتى الآن مبلغ 25 مليون دولار للمساعدة في هذه الحملة، لكن السلطات الموريتانية تقول إن الإمكانيات المتوفرة حاليا لديها "لا تسمح بالقضاء على آفة الجراد في البلاد، قبل عشر سنوات من العمل المتواصل".

من ناحية أخرى كشف أحدث تقرير للحكومة الموريتانية، أن المساحة التي تمت معالجتها حتى الآن لا تتعدى 550 ألف هكتار من أصل 1.6 مليون هكتار موبوءة، بينما ارتفع معدل المعالجة اليومية ليصل إلى 34 ألف هكتار لليوم.

وقال خبراء في منظمة الأغذية والزراعة إن التفكير حاليا ينبغي أن ينصب نحو توجيه مساعدات غذائية لموريتانيا، "وأن الوقت قد يكون بات متأخرا على منح الأولوية للمساعدات في مجال مكافحة آفة الجراد.

جدير بالذكر أن القدرات التدميرية لآفة الجراد الصحراوي تعتبر كبيرة، حيث يقدر السرب الواحد منه بنحو 3  مليارات جرادة، يغطي نحو 60 كيلومترا مربعا، ويتلهم سرب واحد من الجراد يوميا ما يناهز الكمية التي يتناولها 2500 شخص.

ويمكن لأسراب الجراد أن تطير لمسافة تصل إلى 200 كيلومتر في اليوم الواحد، كما يمكن لإناث الجراد أن تضع كتل البيض في ما لا يزيد عن 4 مراتٍ في حياتها وتحتوي كل كتلة على قرابة 70 بيضة.